النفط هل هو نعمة ام  نقمة ؟ هل فائدته اكثر من ضرره او العكس.

كثير من تاريخنا الحالي مربوط بمادة سوداء لزجة . خلال  تعايشنا اخر   2000 سنة  مع هذه المادة وجدنا لها بعض الاستعمالات، اولها ان  نحرقها على قماشة  في اليل  لتضيئ لنا . هذه  علاقتنا الطبيعية بهذه المادة. هذه قدرة مجتمعنا الحقيقيه للتعامل مع هذه المادة.

اتت  طرق جديده لأستعمال هذه الماده في القرن العشرين . اصبحت هذه  المادة اساسيه في حياه الفرد المعاصر.  

  المادة موجودة في كل العالم  , وفي أمريكا وروسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لكن اصبحت  هذه الماده في بلادنا  سبب لتفكيك الدول وقتل الابرياء. لماذا ؟  لأن مجتمعنا  متخلف عن المجتمع الذي فكر و انتج استعمالات لهذه المادة بحوالي 600 سنة.

تخيل 600 سنة.

اذكر انني  سقطت  الصف السادس وعدت السنة وكل اصحابي تقدموا للصف السابع وصاروا يتخوتوا علي ويقولوا عني متخلف وصرت أبكي وأستحي و أتتخبى منهم.  تخيل هذا السقوط سنه وراء سنه  لمده  600 سنة  كوطن عربي و شعوبه.   علقوا   بنفس الصف سنه وراء سنه  وأحفاد أحفاد العالم الخارجي بتخرجو كل سنه من  الصف السادس.

مجتمعاتنا لم تكن جاهزة لتتعامل مع القرن العشرين.

محتمعاتنا لم تكن  جاهزة لتتعامل مع أي من منتوجات القرن العشرين، من السيارة للتلفون للكمبيوتر، لسكة الحديد، للدواء، للطب، للأكل، للشوارع، للقضاء، للدولة الحديثة والحياة الحديثة.

يجب ان نعي ان  المجتمع الذي يصنع سيارة غير عن المجتمع الذي يسوق السيارة.

هذا الذي  لسنا قادرين على استيعابه .

 حتى تستطيع ان   تصنع سيارة  يجب ان  يكون لديك قاعدة صناعية موجودة لصناعة أشياء أخرى قبل  السيارة .  مثل منجم يستخرج الحديد من الأرض، مصنع لصهر و سكب الحديد، مصنع لتشكل الحديد، مصفاة قادرة على استخراج بعض الوقود للماكينة الجديدة. الماتور الذي سيوضع  بالسيارة لا بد إن في موتور قبله يشتغل على بخار الماء و الفحم و كان يحرك قطار على سكة . و لا بد ان نفس المحرك البخاري  كان يستعمل في تشغيل ماكينات أخرى في المناجم و المصانع و المصافي و منه تطور محرك  السيارة .

لم تأتي  السياره من فراغ.  الفكر و العلم و  الصناعة و المجتمع الذي طور السيارة اخذ مئات  السنين و اجيال و الاف من الناس و عشرات الاف من الاخطاء و من التطور البطيئ و المستمر حتى وصل لصناعة السيارة.

 المجتمع الذي صنع السيارة يجب ان  يكون فيه جامعات لأبتكار و تعيلم الهندسة و الميكانيك لكل  الأشخاص الذي لهم علاقة بصناعة السياره، يجب للمجتمع الذي يبتكر و يصنع ان يكون عندهم محاكم و  قضاة و  قوانين تحمي العمال و المهندسين,  يجب ان يكون عندهم وسائل  حتى تتيح للمهندس الذي عندة فكرة ان يطورها بدون حكم  المجتمع عليه  اذا  فشلت فكرته اول 10 مرات.  هذه الأشياء التي لسنا قادرين على  فاهميها.

ليس هنالك  طريقه لتقدم او لكسب العلم بدون اخطاء و فشل عده مرات  و على مدى عقود.

لتطور يجب ان  يكون عندك مجتمع يقبل و يحمي هذا الخطاء و الفشل. الخطاء يعلم. في مجتمعنا الخطاء و الفشل حرام. ندفنه و ندفن الذي عمله بدل ما نعطيه فرصه ثانيه و ثالثه و رابعه و نتعلم منه.  هذا سبب كبير واقف بطريق تطورنا .

عدى ان  النظام  العالمي اليوم يسهل بمئه مره  ان نشتري ما نريد  على الجاهز و ان نقطف ثمار المجتمعات التي تطور.

التطور و الابتكار و التقدم ليسوا محصورين بشخص ذكي او صناعه معينه او فكره ما بل هم كل ذلك و اكثر .  هي طريقه التفكير بكل شيء.  فترى التقدم في الصناعه يسبقه تطور في العلم و يسبق ذلك تطور في الادب و يسبق ذلك تطور في العلم و ….. كل العوامل تدور في دائره و تؤثر على بعضها البعض بطرق لا يمكن تصورها

تفكيرنا  محصور بأخر فقره. نفكر   انه إذا  معي  المال و اشتريت  مصنع لصناعة السيارات أو تجميعها فيعني ذلك ان اصبح لدي مصنع.  غلط . ما صار عندك شيئ  ,  ياللي مبسوط تقول صار عندي أكبر مصنع ألمنيوم في الدنيا.

ما انا و  انت  عارفين إن مصنعك الذي دفعت ثمنه 1500 مليون دولار، إذا ابن الحلال الذي باعك اياه من أوروبا أو أمريكا أو الصين قرر عدم بيعك قطعة غيار بعشر آلاف دولار أو برمجية ب 500 دولار كل مصنعك بيوقف بالضبط عكس شيء ثاني بهذه الحالة. فكيف بتسميه مصنعك.

مثل عادتنا خلطتنا الأشياء ببعض، فكرنا إذا جائتنا  فكرة تصنيع حبيبات بلاستيك مثلاً,  حبث ان النفط في بلادنا متوفر . و قمنا بعمل  دراسة سوق  وشراكة مع الجهة التي  سوف  تبني المصنع لكي  تبقى  مصلحتهم  مربوطة بمصلحتنا,  و أتينا  بعمال من الهند والباكستان , ومهندسين من أوروبا والهند والأردن ولبنان , وإدارة من دولة خليجية مثل السعودية ولا الإمارات,  ورأس مال من  شيخ لابس عباية من أرماني.

نفكر إنه أصبح لدينا مصنع نصدر منه  للدنيا. لا يا عمي، عفوا. بس بدي اسأل كم سؤال بسيط. خط انتاج  حبيبات البلاستيك  فية مثلا 30 ماكينة رئيسية . في مصنع عربي  طور واحدة من  هذه الماكينات؟ طيب . الماكينة الواحدة فيها 1000 قطعة مختلفة . في مشغل في دوله عربيه  طور او صنع واحده من  هاذي القطع ؟ طيب طريقة التصنيع , يعني الفكر قي الكمياء و الفيزياء الذي حول النفظ لحبيبات بلاستيك هل تطور في جامعة عربيه؟  ؟  اكيد الماكينات و طرق الانتاج تتقدم سنة عن سنة و تكنولوجيا اليوم تكون مستنفذه بعد 10 سنوات اذا لم تتطور. هل يوجد لدينا معاهد  بحث و تطوير تكنولوجيا عربيه اليوم تشتغل حتى ننجح في  الصف السادس ؟

الجواب  لا.  

الصناعات الموجوده لدينا عباره عن مسرحيه من اخراج  الشركات و الدول الاجنبيه المتقدمه.  عاطينك   زر أحمر كبير تدوس عليه الصبح حتى  تصدق ان لديك مصتع  وحبيبات البلاستيك تطلع من آخر المصنع هناك بس عليك تعبيها وتبيعها. 

لنرجع للنفط , أكبر ثروة قائمة عليها بلادنا. لنسأل كم سؤال بسيط. كم شركة عربية  لاستكشاف نفط تشتغل  بتقنيات عربية. كم شركة حفر تشتغل بتقنيات عربية. كم شركة استخراج تشتغل بتقنيات عربية. كم شركة نقل نفط  تشتغل بتقنيات عربية. صفر صفر صفر. السواعد عربية، في مهندسين عرب أذكياء. بس هذول بغردوا لحالهم خارج السرب. باقي المجتمع مش مستعد يوقف وراهم. كم مصنع في العالم بشتغل بتقنيات عربية.

وخوذ على هيك  أغلب  الصناعات و التعدين في بلادنا.

الفكره التي أحاول أن أوصلها  إن المجتمع الذي يفكر ويطوّر مختلف تماماً عن المجتمع الذي يستهلك.

نحنا مجتمع  مستهلك لا نساهم في التطور.

 في ثورتين أساسيتين  لم نشارك بهم . وهم الثورات الأساسية اللي بنت العالم الحالي بكل ما فيه، الثورة الزراعية التي استطاعت جعل  الناس ينتجوا أكل بكثرة، بنفس مساحه الأراضي و بدون كثره  الأيادي العامله.  والثورة الصناعية اللي أخذت العمال من الأراضي وحطتهم في المصانع. هذول يا عالم ثورات فكر. يعني خلت الناس تغير مفاهيمها بشكل جذري. إحنا شاطرين نقول عن الثورة من الجاهلية للإسلام كثورة فكر. هذول نفس الشي  بس أكبر. وهذول إحنا غايبين طوشة عنهم، وحاسين إذا بنينا أكبر بناية ولا جامع ولا مصنع ولا مول ولا اشترينا أفخم سيارة ولا طيارة ولا باخرة ولا ولا ولا  بنوصل مستواهم.

في مفاهيم أساسية لا توجد لدينا حتى  نصل للقرن الواحد و العشرين. تخيل  , اغلب الناس حوليك يحتاجون  600 سنة  ليوصلوا للقرن الواحد و  العشرين.

الذي راح علينا خلال نومنا الغميق لمدة 600 سنة.  ثورات فكر,  دفعوا دم قلبهم حتى تعلموها ,  واضطروا يغيروا مفاهيم كثيرة داخل أنفسهم . مش مشان نعمل حالنا طرزان وتلقطها على الطاير.

 الدول  الغربية و طريقة تركيبها اللي قامت بعد هذه  الثورتين مختلفة تماماً عن تركيبه دولنا اللي هي قائمة على أساس إقطاعي، قبلي، عشائري، ديني. وهذا اللي عم بنشوفه أمامنا لما تشوف دول كاملة كانت مفكرة حالها دولة من دول القرن العشرين  تنهار خلال أسابيع. يعني طرزان فلت منه الغصن.

بلاد برة شايفين الخطأ وليش ما يستغلوه. إحنا اللي سقطنا 600 سنة وراء بعض.