أنا زهقت، قرفت , صفحة ورا صفحة، وكل صفحة كأبه  أكثر من الثانية. حالة مجتمع مزريه ، حالة أشخاص مزريه، تفكير مزري، تكفير ، قتل ، ظلم ، بكفي. المستنقع إلذي نعيش به ليس  له قعر؛ كل ما ننزل نجد إن هنالك  نزول  أخر. يجب أن نقف ونأخد نفس.

إذا إنت علقان بحفرة اول خطوه ان  توقف الحفر. بكفي حفر، خد نفس، وقف، وقف، ولا تفكّر إنه إحنا الوحيدين في التاريخ إلذين وصلنا لهذه الحالة، وصلوا كثيرين قبلنا. مش لحالنا، بس  الدور دورنا.

في يوم خرجت من بيت أصحابي  في القاهره الساعة 4 فجرا و أوقفت تكسي، كان رجل كبير بالسن في سيارة فيات عفا عليها الزمن. كان  هذا بعد الثورة على مبارك والناس فوق الريح وحاسين إنهم أستطاعوا أن  يوقعوا بالفرعون. فسألت سائق التكسي وأنا عارف إنه سوف يكون مثل كل  الذيت تكلمت معهم  ويقول كم الثورة جيده  وكيف  ان الفرعون وقع ز كيف عادت القوه للشعب. قال لي دي ثورة مش كويسه. تفاجأت. قلت له ليش ودلوقتي الناس بدت تحاسب الحكام وتعرف إلذي لها و الذي عليها .

قال لي يا بيه , انت غلطان . الناس لازم تعرف الي عليها قبل ما تسأل على  إللي لها؟ هم كلهم قاعدين يقولوا إدينا أكثر، ولي حصة أكثر، وليه أكثر و اكثر  , ماحدش فيهم بقول أنا عملت إيه زيادة عشان استحقيت الزيادة دي. الصراحة خرّسني، وقلت في نفسي كلام في كلام لما توصل الفندق 5 نجوم هنشوف الحساب هيكون إزاي مع عربي طالع  الساعة 4 الصبح.

وصلنا، وقلت له كام؟ وأنا متوقع مثل كل حياتي في القاهرة 100 جنيه. نظر على العداد القديم وقال يا بيه العداد بقول 7 جنيه ونصف. أعطيته 100 جنيه، نزل وصرفها عند حراس الفندق ورجعلي الباقي وأنا مش مصدق إنه في ناس عندها أخلاق. قلت له خلي الباقي، قال لي شكراً وأنا نازل شفت الدمعة في عينه. قلت له إنت بتبكي ليه؟ قال لي مش عشانك، عشان رب العالمين إللي ما بيهمل عبده. إنت ما لكش دخل بس الله بعتلي إياك. أنا نازل ومفيش مليم بجيبي علشان أشتغل لأن حرارة الولد 42 ومعيش ثمن الدواء.

يعني إذا في واحد له الحق باستغلال الموقف هو ده.

 مش ميؤوس منا، مش كلنا  بدون أخلاق. مش كلنا جيناتنا زبالة وللزبالة. في ناس رغم صعوبة الظروف عندها أخلاق، بس تركيبة مجتمعنا اليوم طافسيتهم، والخراب عم يعم علينا لأنه طافسينهم.

يجب أن  نوقف الحفر، وبجب ان  نراجع أنفسنا من الداخل. هاذا  الشيئ  الوحيد إلذي يمكن ان  ينقذنا. لن تأتي  فكرة النهوض من المستنقع إلذي  نحن فيه من واحد، ولا جنرال، ولا دكتاتوري، ولا من بره، ولا بتطبيق صارم للقانون على البعض.

سوف تأتي من داخل كل واحد منا.  لا توجد  حكومة في  الدنيا، أو ديانة أو نظام قوي كافيه إن يحكم كل واحد منا .

كل واحد منا هو  حاكم نفسه ، هذه اسمها أخلاق.

بدونها الغطسة في المستنقع  إلذي نحن  به سوف تكون طويلة وغميقة.

اخلاق يا عالم.